التقييم و النظرية السلوكية
عندما درست النظرية السلوكية أول مرة كنت في الثالث الثانوي العلمي ، فقد كانت من ضمن محتوى كتاب علم الأحياء ، لم تلفت انتباهي ، و كانت بلا فائدة (بلا طعمة) في رأيي ، فما الفائدة من تجربة كلب و جرس !!.
ثم
توالت الأيام و عرضت أمامي النظرية في
محتوى نفسي تربوي عند دراستي في كلية
التربية ، هنا كانت نظرية أكثر معنى ، و
بانت أبعادها أكثر .
هي
نظرية يمكن إسقاطها في أي ميدان إنساني
و توظيفها و الإفادة منها، و أنا هنا
أسقطتها و ربطتها بالتقييم.
بالجمع
بين معارف النظرية السلوكية و التقييم
الذي يطبق في نظام تعليمي ما ، نكتشف كيف
طبيعة التقييم ( خططه
و أساليبه ) و
التي يمكن تصنيفها كـ(مثير) تبني
سلوك و أساليب دراسة التلاميذ و
الطلاب (استجابة) ،
فإذا أردنا تغيير السلوك السيء و أساليب
الدراسة السطحية الجامدة (بصم) لأعزاءنا
الطلبة وجب الالتفات للتقييم.
أذكر
دكتور مادة اللغة العربية في إحدى المحاضرات
صارحنا و قال :" أنا
كنت الأول في دفعتي ، لكني كنت ضعيفاً في
الإعراب ، تعلمت الإعراب و أتقنته بجهد
شخصي مني في إعراب المعلقات و القرآن
الكريم".
هذا
مثال عن طالب متفوق يأخذ أعلى الدرجات و
يفتقد مهارة الإعراب الضرورية لأي خريج
أدب لغة عربية.
واقع المدارس من الحلقة الأولى وصولاً للمرحلة الثانوية
نأتي إلى واقع المدارس من الحلقة الأولى وصولاً للمرحلة الثانوية ، نجد أغلب الأهالي الكرام تتذكر أن لديها طالباً يدرس، و تناشد أمة الله أن تدعو له ،عندما يخوض امتحان شهادة التعليم الأساسي (التاسع) و شهادة التعليم الثانوي (بكالوريا) ، و ما هذا التصرف إلا ردة فعل (استجابة) لتشنج وزارة التربية بخصوص هاتين المرحلتين ، و كأن ما يخوضه الطالب سابقاً تجريبي (عن دود) ، هنا أطرح السؤال : إذا رغب أحدهم بإنجاز مشروع ما فهل يصح أن يعتبر كل مراحله شكلية عادية ليست مهمة كثيراً ، ثم يأتي في مرحلة إتمام المشروع النهائي ، يطلق جرس الإنذار و يغادر فراشه و لا ينام ، فهذه مرحلة إتمام مشروع؟ أم أنه لينجح يبقى على قدم و ساق يتابع حتى بلوغ لحظة الإنجاز؟.ما ساقه هذا التركيز على المرحلتين دون سواهما في جانب التقييم ، أن التقييمات في المراحل السابقة لا ينظر فيها كثيراً ، فإن بحثت قد تجد من الاختبارات ما يضحكك من سهولته أو سوء تصحيحه، أو يفاجئك بصعوبته التعسفية ، إلى جانب غلبة الأسئلة في مستوى الحفظ ، حتى في الرياضيات تكون في مستوى التذكر ، فأنا في مرحلة الحلقة الأولى كنت تلميذة أحفظ نص المسألة و حلها و باعتبار المسألة نفسها تأتي، تكون نتيجتي عشرة.
و إذا أخذنا ناحية التنسيق و سلامة أداء الاختبار من الغش في عين الاعتبار ، لا أتفاءل كثيراً برقم الاختبارات التي تعتبر صحيحة و تمثل اختباراً حقيقي .
و هذا كله في الاختبارات الكتابية للمذاكرة و الامتحان ، أما إذا ركزنا في الاختبارات الشفهية و العملية و تقييم الجانب الوجداني، لا نجد شيئاً .
الاختبارات الشفهية و العملية
فأغلب المدارس غير مهيئة لأداء اختبارات شفهية و عملية حقيقية ، لا في التجهيزات و لا في خطة توزيع المنهاج و لا في فكر المعلم و لا في فكر أولياء الأمور.العقول تجمدت عند الاختبارات الكتابية ، هي الاختبارات التي يوليها الطالب اهتماما و كذلك أولياء الأمور و كذلك المعلم ، ببساطة لأنها الأسهل ، و هي التي تُأخذ علامتها بعين الاعتبار و توضع نفسها عند المشروع (الجانب العملي) و الاختبارات الشفهية.
لذلك في الوقت الذي يجب أن ترى التصاعد و التنازل في أداء أغلب التلاميذ ،فقليلاً ما يلمع الطالب في كل الجوانب، تجد العلامات المزدهرة في كل الجوانب و المتوسطة في كل الجوانب و الضعيفة في كل الجوانب عدا الرياضة و الموسيقا و الفنون.التي تأتي في موضع جبران الخاطر للجميع ، مع العلم أنها من الناحية النظرية هي مواد و لها اختبارات ، لكن في الواقع لا نجد ذلك و ترش العلامات ، و لو دققنا النظر نجد هذا انعكاساً لاختبارات الشهادة التي نبذت هذه المواد ، فإن كنت متميزاً في الرياضة أو الموسيقا أو الفنون ، اشنق نفسك ،فلا علامة لك على أي من هذا التميز في اخبتارات الشهادة ، و إن كنت ضعيفاً قد نفدت بجلدك و لا حساب على ضعفك.
و يضاف لمسيرة المواد المنبوذة مادة تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات ، هي أيضاً ينطبق عليها نفس الكلام السابق، أما رش العلامات لم ينتشر عند جميع المدرسين.
التقييم الوجداني (السلوك)
و التقييم الوجداني (السلوك) غير مفعل ، فعلامة السلوك التامة توضع للجميع ،المشاغب الوقح ،و المهذب المؤدب، و العنف اللفظي و الجسدي منتشر بين التلاميذ في أغلب المدارس ، حتى قيمة النظافة نجدها غير مترسخة لدى التلاميذ ، بدليل نادرة المدرسة التي تدخل لها و تجدها نظيفة ، فالمستخدم إن كان نشيطاً و يؤدي عمله لا يجد معاونة له في التزام التلاميذ الحفاظ على نظافة الباحة و الصف و مرافق المدرسة ، الواحد من التلاميذ إن كلفته بكتابة موضوع عن النظافة أو سألته عن أهميتها يعترف بضرورتها كلاماً ، و فعلياً تجده يرمي الأوساخ و بقايا الطعام في النوافذ و الباحة و الصف ، و يكتب على الجدران و المقاعد ، و قد يمارس مشروع حفر على الجدران و المقاعد ، و لا ينظف خلفه في الحمامات ، و نادراً جداً أن تبادر و تضع صابوناً على مغسلة الحمام و تجدها مكانها في اليوم التالي ، و كثير من التلاميذ يغيب عنهم حماس المشاركة في نظافة المدرسة ، و يتضح ذلك عند تفعيل دور في تنظيف الصف، فتجد مشكلة في الالتزام ، و إبداع في التهرب ، و الاستهزاء من طرف تلاميذ متكبرين على التلاميذ المتعاونين الملتزمين. فكما أوضحنا سابقاً لا تقييم للجانب الوجداني ، و علامة السلوك التامة للجميع و لا إنذارات ترفق مع بطاقة الطالب المسيء.هذا التطبيق للتقييم:
ولد
تلاميذاً جامدين ، فقد يكون التلميذ
حافظاً لتعريف ما ، و إن سألته عن التعريف
أجاب ،و إن سألته عن فكرة من ضمن التعريف،
عجز عن الإجابة.بيئة رافضة لتقييمات المستوى العالي حتى و لو في ربع العلامة الكاملة للمادة.
تلاميذاً ينجحون في الاختبارات الكتابية و يفشلون في الاختبارات العملية و الشفهية.
تلاميذاً ينهون الحلقة الأولى لا يعرفون القراءة و الكتابة .
تلاميذاً فعلوا في مدارسهم ما يستوجب منعهم عن دخول المدارس ، تجدهم يجاورون التلاميذ المنضبطين و يسيئون لزملائهم في المدرسة .
تلاميذاً يهملون الدراسة في الصفوف ما قبل الشهادة و يعتمدون في الصفين السابقين للشهادة معيار يدخل في منهاج الشهادة و لا يدخل في منهاج الشهادة ، لاختيار ما يركزون عليه.
دراسة المعرفة المقدمة على أساس ما يمكن أن يأتي في الاختبار الكتابي و عقلية المدرس ، بدلاً من دراسة ما يستوجب التركيز عليه حسب ضروريات المادة .
كلها استجابات لكيفية تطبيق التقييم و التقويم في الواقع .
هم
أعزاءنا التلاميذ و الطلبة مذ دخلوا عتبة
المدرسة في الحلقة الأولى ، و واجب متابعتهم
بدقة حتى خوضهم اختبار الشهادة ، أما أن
يكونوا أعزاءنا الطلبة في الشهادة فقط ،
فأنا هنا ممرر بضاعة و لست صاحب مشروع .
إذا أعجبتك المقالة ، تابع المدونة عبر الرابط https://follow.it/fekrahsoft?action=followPub ليصلك كل جديد من مقالاتها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق