مدونة سورية - مدونة التربويين

موقع khabbazz.blogspot.com مدونة سورية تم إنشاؤها لنشر محتوى تربوي لكل مهتم بالأمور التربوية التعليمية و مستحدثاتها التقنية التكنولوجية . في هذه المدونة نحاول نشر مقالات تربوية عن طرائق التدريس و تحضير الدروس و الأمور متعلقة بالمنهاج السورية و البحوث التربوية إضافة لتكنولوجيا التعليم .

27‏/9‏/2019

رسالات - أين تذهب قيم المدرسة

  زهراء خبّاز       27‏/9‏/2019

رسالات - أين تذهب قيم المدرسة


رسالات - أين تذهب قيم المدرسة

إحدى وظائف بعض الألعاب اختبار قدرة معالج الحاسوب أو الهاتف الذكيّ ، باعتبارها تحتاج إمكانات كبيرة لتعمل دون مشاكل ، و قد رغبت بالتأكد من إمكانات هاتفي ، لذلك حملت إحدى هذه الألعاب PUGB ،و بعد وقت طويل وصل ل8 ساعات اكتمل تحميلها ، فحجمها 2 غيغا .

دخلت اللعبة و اخترت اللاعبة و حددّت مستوى اللعب (مبتدئ)،و ظهرت الطائرة و قفزت اللاعبة و هبطت على الأرض ، و بدأت اللعبة ، كان المشهد أشبه بأن يرميك أحدهم في البريّة و يقول لك تدبّر أمرك ، فعليك أن تحمي نفسك من هجمات الآخرين ، ولتكسب و تغتنم عليك قتلهم . و قد أخذنا من الرصاص ما أخذنا و متنا . 

بالنّسبة لي حقّقت غرضي و اختبرت أداء الجهاز ، و قد عملت اللعبة دون مشاكل في الوضع الافتراضيّ ، و بالنّسبة للّعبة وجدتها إحياءَ للقيم السيّئة الّتي تنبذها الأخلاق و الإنسانيّة ، كما أنّ فكرتها مستوردة من الحياة الهمجيّة الّتي ننكرها و نستهزئ بها و الّتي عاش بها الإنسان فترة من الزّمن و نفترض الآن عدم وجودها ، كما أنّها تعطينا جواباً لسؤال : أين تذهب رسائل الخير الّتي تعمل المؤسّسات التّربوية كالمدرسة على زرعها ؟ . فهذه اللّعبة و أشباهها تأتي معاكسة للقيم و قاتلة لها .

و للتّوضيح أكثر : لو افترضنا أنّ تلميذاً في المدرسة تلقّى رسالة وجدانية من معلّمه بألّا يصرخ و يعبّر عن غضبه بطريقة مسالمة و بلا عنف ، و لو فرضنا أنّ هذه الرّسالة لم يأتي ما يناقضها خلال الدّوام المدرسيّ فكان جو المدرسة هادئ و المعلمون لطيفون ، حتّى مع تعرّضهم لموقف يشبه ذلك الحكم الّذي يلتزم هدوءه و يضبط نفسه رغم صراخ اللاعبين و تعدّيهم عليه نتيجة لإصداره حكماً ضدّهم في المباراة .

 فالمعلّم و الحكم و رجل الدّين و الشّرطيّ ممّا يعتبره المجتمع عادة مصدراً للخير و الصّحيح ، في الحياة ، و إن أخطأ انتُقد كثيراً ، بينما أن يتمادى اللّاعب على الحكم أو يخطئ الشّيخ في حقّ جيرانه أو الشّرطي مع مواطن ، يعتبر نقطة سوداء في عمله و غير مقبول، و هذا ليس مبالغ فيه ، لأنّ اختيار إحدى هذه المهن يأتي معه هذا الثّقل(أن تكون العقل الواعي الّذي يحتمل أخطاء الآخرين). 

نعود للفرض و نتابع معه ، إن هذا التّلميذ لو تحقّق له جوّاً مدرسيّاً نظيفاً ، لم يقدّم له ما يعارض رسالة معلّمه ، فمن النادر جداً ألا يتلّقى خارجها العديد من الرّسائل المنافية لما سمعه فيها ، فيصرخ عليه البائع عندما يمرّ يشتري من عنده بسبب الزّحمة في الدّكان ، و يشاهد امرأة تصرخ على طفلها في الشّارع لأنه يريد أن يشتري و هي تريد منعه ، و يشاهد اثنين يصرخان على بعضهما في مشهد من مسلسل يتابعه ، و تصرخ عليه أمّه لأنّه لم يسرع في إجابتها ...، أي سيتعرّض لكثير من الرّسائل ( الصّراخ و العنف اللّفظي) المعاكسة للرسالة الوحيدة الّتي تلقّاها في المدرسة( التواصل اللاّعنيف) ، و بالتّالي كيف يمكن لهذه القيمة الّتي لم تسقى أن تعيش؟! ، فالمناخ العامّ جافّ منها .

 إنّ القيم ليست لباساً تلبسه لأحدهم ليكون له أو كلمة تجعل أحدهم يكتبها على ورقة ( أنا صادق) و تكون فيه ، هي شيء يعاش فيه ليكون ، مثلاً: إن كان أغلب من حولك يقرأ الكتب هذا سيكون دافعاً أكبر لك في أن تتحمّس و تقرأ كتاباً ممّا هو الحال عليه لو كان أغلب من حولك لا يقرؤون .
logoblog

Thanks for reading رسالات - أين تذهب قيم المدرسة

Previous
« Prev Post

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق